نظرية المعرفة عند ابن خلدون
د.ك5.50
إن علم اجتماع المعرفة من التخصصات الحديثة جداً، ولم يتطور ويعترف به على هذا النحو إلا خلال العقد الأخير أو نحو ذلك. ووفقاً لأسسه الأساسية، لا بد أن ننظر إلى العقل البشري على أنه أداة لخدمة الإنسان في صراعه من أجل الوجود وليس مراّة ناصعة للحقيقة المطلقة فلإنسان لا يرى الأشياء كما في الواقع، بل كما تبدو من جانب واحد له هو واقف في موقعه الثقافي والاجتماعي ومنهمك بحالته النفسية الخاصة إلى جانب ذلك، عادةً ما يتأثر عقل الإنسان بانتمائه الطبقي ووضعه الاجتماعي. وعادة ما يكون للطبقات المتعارضة منظومات قيم متعارضة؛ فما تراه هذه جيداً قد يكون سيئاً لتلك. فمثلاً، بينما ينظر الأغنياء إلى أو إلى أي نوع من الحركات الاجتماعية على أنها جريمة عقوبتها الإعدام لأنها تهدد السلم العام أو تعكر صفو النظام العام الذي هو برأيها أمر إلهيَ، قد يرى الفقراء في الثورة حدثاً مباركاً أو عملاً إلهياً “أحياء” العدالة الاجتماعية “القديمة”.اّه يبدو تحيز ابن خلدون القوي كان أحد أهم عوامل إبداعه العلمي؛ فمن خلال هذا التحيُز استطاع أن يرى ما لم يستطيع الاّخرون رؤيته، وسنلاحظ فيما بعد أن معاصريه كانوا مكبلين عندما درسوا الظواهر الاجتماعية بتصوراتهم “المثالية” وأحكام تفكيرهم الطبقية، في حين عبر ابن خلدون تلك القيود بسبب وضعه الطبقي المتميز وسيرته السياسية العاصفة إلى الجانب الاّخر من التل الذي استطاع أن يؤسس فيه رأياً خاصاً به. ولذل، فإن خطَة الدراسة الحالية تدعو إلى شن هجوم غير مباشر إلى حد ما على نظريات ابن خلدون الاجتماعية. وسنخصص جزءاً كبيراً من النقاش لدراسة الاّراء المتناقضة ومنظومات القيم التي ميزت زمانه ومكانه؛ فقد وجدنا أن نظريته لا يمكن أن تفهم فهماً كاملاً دون أن نقوم بذلك. ومن خلال مناقشة شاملة لأهم معالم الاّيديولوجيا المختلفة وأساليب التفكير التي سبقت ظهور كتاب ابن خلدون، سنتمكن من تسليط المزيد من الضوء على نظرياته.
اسم المؤلف : علي الوردي
اسم المترجم :
دار النشر : دار الوراق للنشر
متوفر في المخزون
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.