ما مِن شَكٍّ في أَنَّ أَعمالَ جوزيف شاخت عُمومًا وأَثَرَهُ الأَهَمَّ أُصول الفِقهِ المُحَمَّدِيّ خُصوصًا تَبقى، على الرَّغم من مُضِيِّ زَمَنٍ على كتابتِها، من الآثارِ المَرجعيَّة في دِراسات المُستشرقِينَ الجادِّينَ وكذلك في بُحوث المُسلمِينَ المُنفَتحِينَ على مَناهجِ النَّقدِ التّاريخيِّ الرّاغبِينَ في دِراسةِ النُّصوصِ الدِّينيَّةِ دِراسةً تَثَبُّتِيَّةً. بيدَ أَنَّ عَدَّها أَعمالًا مَرجعيَّةً لا يَعني أَنّا نُوافِقُ صاحِبَها في كلِّ مُقَرَّراتِهِ واجتِهاداتِهِ فيها، بل لا يَعني سِوى أَنَّها، شَأنُها شَأنُ غَيرِها من الآثار المُهِمَّةِ، تُستَحضَرُ لِتُؤَكَّدَ نتائجُها حينًا أَو لِتُصَوَّبَ وتُعَدَّلَ، بل لِتُفَنَّدَ، أَحيانًا أُخرى، وهو ما نَقِفُ عليهِ بِوُضوحٍ في أَعمالِ بَعضِ أَهمِّ المُستَشرقِينَ المُعاصرِينَ كنورمان كالدر وإريك شومان وهارالد موتسكي وغيرهم، مِثلَما نَقِفُ عليهِ في أَعمالِ عدَدٍ مِن مُفكِّرِي العَرَبِ المُستَنيرِينَ كرِضوان السَّيِّد ومحمَّد أَركون ووائل حلّاق وغيرِهِم.
لِذلكَ، تَظَلُّ ترجمةُ آثارِ شاخت ونَشرُها أَمرًا حَيَوِيًّا لا في مُستوى الاطِّلاعِ على قِراءةٍ للفكر الإسلاميِّ من خارج دائرَةِ الثَّقافةِ العربيَّة الإسلاميَّة فحَسبُ، بَل كذلكَ في مُستوى الوُقوفِ على تطوُّر تعامُل الفكر الاستشراقيِّ مع الثَّقافة الإسلاميَّة ولا سيَّما نُصوصُ الحَديثِ النَّبويِّ. ولَعَلَّ اجتهاداتِ شاخت تُمَثِّلُ حَلقةً مُهمَّةً من حَلقاتِ هذا الفكرِ الاستشراقيِّ، بِصَرفِ النَّظَرِ عن مَدى مُوافَقَتِنا أَو مُخالَفَتِنا لَها.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.