مدونة صوفيا

قصيدة السرد عند محمد عبدالباري

 

قراءة جمالية نقدية في الديوان الصادر عن دار صوفيا للنشر “أغنية لعبور النهر مرتين” للشاعر محمد عبدالباري

من إعداد د.عدي الحربش و د. رحمن غركان

نشرت في ملحق القبس الثقافي

د. رحمن غركان –
يتمثّل الشاعر كثيراً من إحساس السارد، وهو يكتب قصيدته، مع أن فائض الخيال المنجز للمعنى يصدر عن بنيات مجازية وانزياحية تمسك بالمعنى شعرياً على حافة السرد، ولا تستغرق تقنياته إلّا قليلاً، غير أن هذا الشأن العام في فن الشعر خرجت عليه أشكال في كتابته كانت إلى السرد أقرب، وإلى الأخذ بأسبابه أدعى، ليس خروجاً على عمود الشعر إنما استجابة لحاجة المعنى بين يدي الحدث حين تنمو كيمياء القصيدة إلى السقيا بماء السرد، فقد تظمأ حين تنأى عن النزعة القصصية، أو الأخذ بشيء من ممكناتها، ومن ثمة فقد ظهرت في الشعر العربي قبل الإسلام القصيدة القصصية، جزئياً في سياق القصيدة الكلي، أو أنها في بنائها العام سرد قصصي لافت.

الترميز بالحكاية
هناك شعر يقص قصة معينة، واقعية كانت أم متخيلة، بأن يسرد أحداثاً، أو يروي وقائع، أو يحكي مواقف، عني الشاعر فيها بسرد الأحداث والوقائع والمواقف، على سبيل التخيّل الشعري- السردي أو بقصد التوثيق الواقعي المباشر، وقد غلب الترميز بالقصة أو الحكاية على مجرد السرد التاريخي، لأن الشاعر عالم من حواس ذات أخيلة مدهشة، فهناك قصص الحيوان في الشعر الجاهلي مثل: قصص ثور الوحش، والبقرة الوحشية، وحمار الوحش، والظليم، والنعامة، وقصص الصيد بالفرس، وما ينبثق عنها من سرد في متون قصصية كثيرة، وهناك الطرديات بوصفها فناً شعرياً ينطوي على سرد لافت. وهناك القصص الغزلي، على تعدد أشكاله وأنواعه من: قصص الظعائن، والقصص العاطفي الذي انطوى على متون هائلة لقصص المغامرات الفردية. وهناك قصص توافرت عليه بعض الأغراض الشائعة في القصيدة العربية من قبيل: القصص المنبثقة عن الفخر، وتلك التي انطوى عليها شعر الغزل، وهكذا في الهجاء والرثاء والمديح، ثم أنّ نزعة المغامرة الفردية التي عاشها الشاعر الجاهلي ومن جاء بعده جعلت قصص المغامرات الفردية جزءا من التجربة الشعرية، ولا سيما لدى الشعراء ذوي الحضور اللافت. ثم أن قصص المعارك والأيام والمواقف والأحداث والأوبئة وغيرها شائعة في الشعرية العربية، من أولياتها الهائلة قبل الإسلام حتى عصرنا الحديث، وإلى آخر لسان شعر عربي في العالمين (1).

 

:إقرأ المزيد

https://www.alqabas.com/article/5915834

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *