سوسيولوجيا القيم

نقصد بالقيم البنية التي تصهر النظم والممارسات الاجتماعية ومسالك التنشئة الاجتماعية، ودور العوامل البيئية والمعاشية، وأثر السلطة والثقافة، عبر متصل زمني يحول دون توقف وتيرة إنتاج السلوك الخُلقي، لأن التحولات القيمية لا تركن لسكونية البنية، وإنما تخضع لتدبير كرونولوجي تعاقبي، ونسيجين اجتماعي وعقلي وظيفيين ومتداخلين يجعلان البنية القيمية متلازمة مع البنية المجالية والاجتماعية والذهنية.

ويُعد التحول الأصل الأول لمبحث القيم، يضاف إليه الأصل الثاني وهو الاعتدال والتوسط في الأمزجة والتمثلات والسلوك، وهما أصلان يربطان بين الدين والتدين أو بين الأحكام الشرعية والعوائد الاجتماعية، مما دفعنا إلى الحديث عن سوسيولوجيا القيم وعلاقتها بطبائع العمران، حيث تختلف الأخلاق حسب المعايير العمودية والأفقية المحددة للأفراد الذين تتباين قيمهم بسبب التراتب الاجتماعي والتوزيع المجالي، وهو ما يفيد في فهم سيمياء الأخلاق لدى الأندلسيين والمغاربة والمتمثلة في الحركية والديمومة والإلزام والمأسسة، وتلك هي بعض مكونات البنية العميقة.

ومن ثم يمكن للاهتمام بموضوع القيم والمجتمع، من هذا المنظور أن يفيد في التوفيق بين سكون البنية وحركية النظم ومعرفة جدلية العلاقة بين وظيفية القيم ورمزيتها بالأندلس والمغرب الوسيط.