حول العالم وعن انفسنا
د.ك5.00
تعني كلمة “الجماعة” عالماً لا يتوفّر لنا، للأسف، ولكنَّنا نرغب بشدّة في أن نعيش فيه ونأمل في استعادته. ولقد لاحظ رايموند ويليامز، المفكّر المحلّل لحالتنا المشتركة، بشكل لاذع أنَّ الشيء الرائع في الجماعة هو أنَّها “كانت موجودة سلفاً دائماً”. قد نضيف: أو ستوجد دائماً في المستقبل. أصبحت “الجماعة” في الوقت الحاضر اسماً آخر للفردوس المفقود، ولكنّه اسم نتمنّى بشدّة أن نعود إليه، ولذا فإنَّنا نبحث بحماسة عن الطرق التي قد توصلنا إلى هناك.
ضاعت الجنّة أو ما زالت محطّ الآمال؛ بطريقة أو بأخرى، هذه بالتأكيد ليست الجنّة التي نعيش فيها وليست التي نعرفها من واقع تجربتنا الخاصة. ربَّما تكون الجنّة لهذه الأسباب على وجه التحديد. الخيال، على عكس حقائق الحياة القاسية، هو فسحة من الحرّية المطلقة. فالخيال يمكننا أن “نفتقده”، وهو كذلك، مع الإفلات من العقاب، إذ ليس لدينا فرصة كبيرة لوضع ما تخيّلناه في اختبار الحياة.
ليس فقط “الواقع القاسي”، أو “غير الجماعي” المعترف به، أو حتَّى الواقع المعادي للجماعة بشكل صريح، هو الذي يختلف عن تلك الجماعة المتخيَّلة “بإحساس دافئ”. هذا الاختلاف، إن وجد، يحفّز خيالنا فقط على الجري بشكل أسرع ويجعل الجماعة المتخيّلة أكثر جاذبية. إن “الجماعة القائمة بالفعل”، إذا وجدنا أنفسنا في قبضتها، ستطالب بطاعة صارمة مقابل الخدمات التي تقدّمها أو تعد بتقديمها. هل تريد الأمن؟ تنازل عن حرّيتك، أو عن جزء كبير منها في الأقل. هل تريد الثقة؟ لا تثق بأيِّ شخص خارج جماعتك. هل تريد التفاهم المتبادل؟ لا تتحدّث مع الأجانب ولا تستخدم اللغات الأجنبية. هل تريد هذا الشعور بالمنزل المريح؟
اسم المؤلف : زيغمونت باومان, ستانيسلاف اوبيريك
اسم المترجم : محمود احمد عبد الله
دار النشر : شهريار
غير متوفر في المخزون
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.