اليسار الفرويدي
د.ك3.00
وَغالِبُ ظَنِّي أَنَّ الحُكمَ عَلى فرويد -وكَذَلِكَ على الَّذي ابْتَكَرَهُ حَتَّى الآن- هُو في جانِبِ المُحافَظَة؛ فَغالِبًا ما اعتُبِرَ فرويد، إلى جانِبِ فير ودوركايم وباريتو واشبنجر، كأَحَدِ عِظامِ المُعادينَ لليُوتوبيا في أوائِلِ القَرنِ العِشرين، بَلْ واعتُبِرَ الشَّخصَ الَّذي وَجَّهَ الضَّربَةَ القاضِيَةَ للمَطامِحِ الثَّوريَّةِ للماركِسيَّة. ومَعَ ذَلِكَ تَبقَى شُبهَةٌ في أنَّ فرويد كان يَسعَى إلى شَيءٍ لَهُ خَطَرُه، وأَنَّ التَّحليلَ النَّفسيَّ -رَغمَ تَشاؤُمِه التَّاريخِيِّ الواضِحِ- يَرفُضُ أَنْ يُوائِمَ نَفسَه في سَلامٍ مَعَ النِّظامِ السِّياسيِّ والجِنسيِّ القائِمِ. والشَّيءُ الأَكيدُ أَنَّ كَثيرا مِن المُحافِظين الأُوروبيِّين والأمريكيِّين قد وَجَدوا فرويد مُثيرًا لِقَلَقٍ عَظيمٍ، بَلْ لَقَد وَجَدوه لا يَقِلُّ خُطورَةً عَن ماركس نَفسِه. وتَقتَصِرُ هَذِه الدِّراسَةُ نَفسُها عَلى مَجموعَةٍ مِن المُثقَّفين الأُوروبيِّين الَّذين اكتَشَفوا القُدرَةَ الرَّاديكاليَّةَ لِنَظريَّةِ التَّحليلِ النَّفسيِّ، فَلَم يَكونوا عَلَى استِعدادٍ لِقُبولِ ما تَراهُ الأَغلَبِيَّةُ مِن أَنَّ مَشروعَ فرويد العَظيمَ يَتضَمَّنُ رَجعِيَّةً سِياسيَّةً ورَفضًا لِلغرائِزِ، بَل وَجَدوا -بَدَلًا من ذَلِكَ- مَبادِئَ فَلسفَةٍ سِياسيَّةٍ وجِنسيَّةٍ راديكاليَّة، تَسعى إلى تَقويضِ الثَّقافَةِ القائِمَةِ. وكانت نَتائِجُ جُهودِهم هِيَ تَقديمُ تَصحيحٍ للتَّفسيرِ السَّائِدِ لِفرويد باعتِبارِهِ مُحافِظًا. فَفي كِتاباتِ فيهليم رايش وجيزا روهايم وهربرت ماركوز يَبزُغُ فرويد مُهَندِسًا لِتَنظيمٍ أَكثرَ شَهَويَّةً وأَكثرَ إِنسانِيَّةً لِحَياةِ الإِنسانِ الجَماعِيَّة، كما يَبدو وارِثًا للتَّيَّار النَّقديِّ في الفِكْرِ الأُوروبيِّ الاجتِماعِيِّ، بَل ومُبَشِّرًا على نَمَطِ ماركس.
اسم المؤلف : بول روبنسون
اسم المترجم : شوقي جلال, لطفي فطيم
دار النشر : دار المحروسة
متوفر في المخزون
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.