المجتمع الفرداني
د.ك5.75
من المعروف أنَّ ماركس قد قال إنَّ الناس يصنعون التاريخ، ولكنّهم يصنعونه في ظلِّ ظروف ليست من اختيارهم. وقد نقوم بتحديث هذه الأطروحة حسب متطلّبات “سياسة الحياة”، ونقول إنَّ الناس يصنعون حياتهم، ولكنّهم يصنعونها في ظروف ليست من اختيارهم. ولعلَّ هذه الأطروحة في النسخة الأصلية وكذلك في نسختها المحدّثة، قد تشير ضمنياً إلى أنَّ مجال الظروف التي تتجاوز الاختيار ومجال الفعل المناسب للغرض والحساب والقرار مجالان منفصلان ويظلّان كذلك؛ وعلى الرغم من أنَّ تفاعلهما مشكوك فيه، إلَّا أنَّ الحدود التي تفصل بينهما غير مشكوك فيها، مسألة موضوعية، وبالتالي غير قابلة للتفاوض.
فالحياة المعاشة والحياة المرويّة مترابطتان بشكل وثيق ومتعاضدتان. ويمكن لقائل أن يقول، على نحوٍ متناقض، إنَّ القصص المروية عن الحياة تتداخل مع الحياة المعاشة قبل أن يكتب لها أن تُحكى على لسان أحد ما… كما أنَّ قصص الحياة تسعى بطموح متواضع لأن تجعل الحياة التي تعاود الحكي عنها حياة لها “منطق داخلي” وذات معنى، (ويتمُّ الحكي “بأثر رجعي”، مع الاستفادة من الإدراك المتأخّر”). وفي الواقع، فإنَّ القانون الذي تلاحظه تلك القصص، عن قصد أو عن غير قصد، يشكّل الحياة التي يروون عنها بقدر ما يشكلها هي ذاتها ويحدّد طريقة اختيار الأشرار والأبطال. يعيش الإنسان حياته كقصة لم يروها بعد، ولكن الطريقة التي تروى بها القصة حسب المراد تحدّد آلية نسج خيوط الحياة.
اسم المؤلف : زيغمونت باومان
اسم المترجم : محمود احمد عبد الله
دار النشر : شهريار
غير متوفر في المخزون
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.