اللص والكلاب
د.ك2.50
: استمر الشيخ فى نجواه فقال سعيد: – مساء الخير يا مولاى فرفع الشيخ يده إلى رأسه ردا على تحيته دون أن يقطع نجواه، فقل سعيد: – مولاى، أنا جائع.. فخيل إليه أنه قطع النجوى ورنا إليه من عينين غائبتين ثم أومأ بذقته إلى خوان قريب فرأى سعيد فوقه تينا وخبزا، فنهضة إليه دون تردد ثم التهمه بنهم حتى أتى عليه، ووقف ينظر إلى الشيخ بعينتن تنطقان بعدم شبعه، فسأله : – أليس معك نقود؟ – بلى.. – أذهب واشتر شيئا تأكله. فعاد إلى مجلسه صامتا، وجعل الشيخ يتأمله مليا، ثم سألة – متى يا ترى تستقر؟ – ليس على سطح هذه الأرض .. – لذلك فأنت جائع رغم نقودك. -ليكن .. – أما أنا فكنت أردد شعرا عن الأحزان ولكن بقلب مبتهج.. -أنت شيخ سعيد.. ثم بغضب: – هرب الأوغاد، كيف بعد ذلك أستقر؟! – كم عددهم؟ – ثلاثة.. – طوبى لدنيا إذا لااقتصر أوغادها على ثلاثة.. – هم كثيرون ولكن غرمائى منهم ثلاثة .. – إذن لم يهرب أحد.. – لست مسئولا عن الدنيا.. – أنت مسئول عن الدنيا والآخرة! ونفخ لنفاد صبره فقال الشيخ: – الصبر مقدس تقدس به الأشياء.. فقال سعيد بغم: – بل المجرومون ينجون ويسقط الأبرياء.. فتساءل الشيخ وهو يتنهد: – متى تظفر بسكون القلب تحت جريان الحكم؟ فأجاب سعيد: – عندما يكون الحكم عادلا. – هو عادل أبدا.. فحرك سعيد رأسه فى غيظ مغمغما: – هرب الأوغاد واأسفاه.. فابتسم الشيخ ولم ينبس، فقال سعيد بنبرة جديدة يمهد بها لتغيير مجرى الحديث: – سأنام ووجهى إلى الجدار، لا أود أن يرانى أحد ممن يزورونك إنى ألجأ إليك فاحفظنى. فقال الشيخ برحمة: – التوكل ترك الإيواء إلا إلى الله.. فسأله بإشفاق: – هل تتخلى عنى؟ – معاذ الله.. فتساءل فى يأس: – هل فى وسعك بكل ما أوتيت من فضل أن تنقذنى؟ – أنت تنقذ نفسك إن شئت.. فهمس سعيد لنفسه.. – أنا أقتل الآخرين.. ثم سأله بصوت مرتفع: – هل تستطيع أن تقيم ظل شئ معوج؟ فقال الشيخ برقة: – أنا لا أهتم بالظلال!
اسم المؤلف : نجيب محفوظ
اسم المترجم :
دار النشر : دار ديوان
متوفر في المخزون
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.