طفل اسمه نكرة
د.ك1.75
ما إن دخل ديفيد الصف حتى سدّ زملاءه أنوفهم، وراحوا يسخرون منه، أما المعلمة البديلة، وهي امرأة شابة، فلوّحت بيديها أمام وجهها، لم تكن قد تعرفت على رائحته من قبل، ناولته ورقة الامتحان وهي تقف على مسافة منه، وقبل تمكنه من الجلوس في مقعده القابع في مؤخرة الصف بمحاذاة …النافذة المفتوحة، استدعي ثانية إلى مكتب المدير، فأطلق الصف على مسمعه صوتاً أشبه بالنباح، هو في الواقع تعبير عن نبذهم له. أدخلته السكرتيرة ديوان الأساتذة فاتحة الباب، جلس إلى رأس الطاولة موضحاً أنه لم يسرق شيئاً اليوم. ارتسمت ابتسامة مكتئبة على وجوه الحاضرين، لم يكن يعلم أنهم كانوا على وشك خسارة أعمالهم لإنقاذه ثم طُلب منه أن يحكي للضابط عن أمه، أومأ برأسه رافضاً الإجابة، فالكثيرون يعرفون سره، وستعلم أمه لا محالة بما قد يقوله، وتناهى إليه صوت رقيق هدّأ من روعه هو صوت الآنسة موس، قالت له أنه لا بأس بذلك، أخذ نفساً عميقاً، شدّ يده وراح يسرد لهم على مضض حكايته مع أمه، وطلبت منه الممرضة الوقوف، وأظهرت للضابط الندبة التي على صدره، فأخبرهم دون تردد أنها حادثة، وأن أمه لم تقصد طعنه، وفاضت عيناه بالدموع وبكى وهو يفشي لهم سره بأن أمه تعاقبه لأنه ولد شرير، كم ودّ لو يدعوه وشأنه، شعر بنفسه دنيئة، وهو يشعر أنه بعد انقضاء كل هذه السنوات، أنه يعجز أي إنسان عن مساعدته.ويعود ديفيد بذاكرته إلى الوراء. في السنوات التي سبقت تعرضه لإساءة المعاملة، كانت عائلته تحيا بسعادة في الستينات من القرن العشرين، وقد أنعم الله عليه وعلى أخويه بوالدين مثاليين، كان يحققان لهم كل أمانيهم بحب ورعاية. كان اسم أبيه “ستيفان جوزيف” أعال العائلة من عمله كرجل إطفاء في أحد المراكز في وسط سان فرانسيسكو، وكان اسمه أمه “كاترين روريفا” امرأة معتدلة القد والحسن، كانت تتقد حباً تجاه أطفالها. وكان العزم أعظم مقوّماتها، كانت تبتكر الأفكار دوماً وتدبر كل شؤون العائلة، وفجأة تغير كل شيء، وأضحت امرأة أخرى وقد تغيّر سلوكها جذرياً. وأصبحت تعامل ديفيد معاملة سيئة دون أخويه فهل كان ديفيد حقاً شريداً أم أن أمه هي التي قادته إلى ذاك الشعور؟!!
ذاك ما تكشف عنه تفاصيل تلك القصة الواقعية، والتي تحمل في ثنايا أحداثها ومجرياتها صوراً مبكية ومفزعة لحال أشباه ديفيد في المجتمع المعاصر عامة وفي المجتمع الأميركي بصورة خاصة. ويمكن لهذه القصة أن تكون مثار أبحاث على جميع الأصعدة النفسية والاجتماعية والفلسفية والحياتية، فقد حفلت بالكثير من المسائل التي يجدر البحث فيها لرسم صورة لمعاناة معظم أطفال العالم اليوم، في محاولة لإيجاد مخرج لهم من تلك المعاناة ويعيدوا إليهم حقهم في عيش طفولتهم كما يجب أن تعاش. وتجدر الإشارة بأن هذه القصة لاقت رواجاً وكان تصنيفها من أكثر الكتب مبيعاً على لائحة جريدتي نيويورك تايمز New York Times وأميركا اليوم U.S.A Today، وأيضاً كان الكتاب الأكثر مبيعاً على مستوى العالم أجمع.
اسم المؤلف : دايف بيلزر
اسم المترجم : مركز التعريب والبرمجة
دار النشر : الدار العربية للعلوم ناشرون
متوفر في المخزون
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.