هنالك اتفاق على أن بول ريكور واحد من أبرز الفلاسفة والمفكرين المعاصرين ليس في فرنسا فقط، بل وفي العالم.
تنبع أهميّة الكتاب من منهج القراءة التأويلي المُعتمد فيه؛ وهو يتصدَّى لمجموعة بارزة من أعلام الفكر الحديث من أمثال ماركس وكارل مانهايم ولوي ألتوسير وماكس فيبر ويورغن هابرماس وكليفورد غيرتز وغيرهم. إنه درس بليغ في آليات القراءة التأويلية المُعمَّقة. كما أن لموضوع الكتاب أهميّةً متزايدةً في عصرنا الراهن الذي رفع لواء «موت الأيديولوجيا»، محاولاً عبر نظرة تحليلية ثاقبة لأهم نظريات الأيديولوجيا واليوتوبيا في العصر الحديث خلق جدلية خلاّقة بينهما وتقديم تعريف وافٍ وشامل لهما. صيغة المحاضرات تبثُّ في ثنايا هذا الكتاب حرارة وسلاسة تجعلانه خير مدخل إلى فكر ريكور. وقد قام محرّر الكتاب بتقديم دراسة ضافية عن فكر ريكور إجمالاً ومكانة هذه المحاضرات فيه تُعدُّ مساهمةً ثمينة بحدِّ ذاتها.
أُلقيت هذه المُحاضرات لأول مرة في جامعة شيكاغو خريف عام 1975، ولم يُقلِّل مُضيُّ الزمن الكثير من أهمّيتها. وأهمّيتها الكبيرة نابعة من الشخصيات التي تناقشها، والموضوعات التي تتصدّى لها، والإسهامات التي تُضيفها إلى مجمل نِتاج ريكور. يقدّم ريكور هنا لأول مرة تحليلاً مُفصّلاً لكارل مانهايم، وماكس فيبر، وكليفورد غيرتز، كما أنه يُوسّع مُناقشاته المنشورة لـ لوي ألتوسير ويورغن هابرماس. أما ما يكتسب أهمّية خاصة فهو معالجة ريكور لماركس، الذي يُمثّل الموضوع لخمس من الثماني عشرة مُحاضرة. لقد أطلق ريكور مُنذ زمن بعيد على ماركس وفرويد ونيتشه تسمية «أساتذة الشك» الكبار الثلاثة. لكنْ بينما نجد أنّ تأويله لفرويد معروف على نطاق واسع، فإن هذا الكتاب يُؤشّر أول تحليل مُنتظم لماركس يصدر عن ريكور.
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.