روح عصرنا
د.ك3.00
يصحُّ مع عصرنا هذا إطلاق توصيفات عديدة عليه؛ لكنّ الشائع في دوائر الأنتلجنسيا العالمية ومراكز صناعة الفكر والاستراتيجيات والسياسات هو توصيف عصرنا بأنه عصرُ الأنساق المتعدّدة الشاملة، وصارت المعرفة البشرية هي الأخرى أقرب إلى صناعة تخليقية نَسَقية تتجاوز كلّ المحدوديات المعرفية التي شاعت في عصر ما قبل الثورة التقنية الرابعة –تلك الثورة التي باتت تمهّدُ لمَقْدَم عصر الأنسنة الانتقالية Transhumanism.
نشأ لديّ في العقد الأخير بخاصة شغف عظيم في متابعة تفاصيل هذه المعرفة النسقية بالقدر الذي أستطيع وتعينني عليه وسائلي وأدواتي من قراءة وتفكّر ومساءلات دقيقة. ليس الأمر محض شغف عقلي تحفّزه دافعية ذاتية؛ بل صار أقرب لمساءلة (روح العصر Zeitgeist) ومحاولة ملامسة آفاقها ولو على صعيد الجهد الفردي الخالص. تمتلك المعرفة النسقية (والأنساق المعرفية الشاملة بعامة) ميزة كونها قادرة على تحفيز الذائقة الفلسفية والعلمية لدى قطاعات واسعة من البشر الذين يتفكّرون بأمر عيشنا اليومي في هذا العالم ولا يقتنعون بالتفسيرات البسيطة أو الناشئة عن تأثيرات البديهة الشعبية أو الآراء العابرة، وتساهم الطبيعة العابرة للمعرفة النسقية وكونها معرفة تشبيكية بين المعارف والخبرات البشرية في إضفاء أهمية متعاظمة على هذه المعرفة ودفعها إلى الحافات الأمامية المتقدمة من المعرفة البشرية الراهنة. يضافُ لهذا حقيقة أخرى تنشأ من دافع نفعي يعلن أنّ طبيعة المنجزات التقنية المعاصرة صارت تتطلّبُ نمطاً من المعرفة الشعبية الشائعة التي ماعاد مقبولاً لها أن تنكفئ في جزرٍ متباعدة بل أصبح لزاماً عليها مدّ جسور التواصل والتأثير بينها للارتقاء بنوعية المنجزات التقنية الواعدة؛ ولعلّ التطويرات الحديثة في الحاسوب الكمومي Quantum Computer والتقنيات النانوية (تقنية المصغّرات) Nanotechnology والفتوحات الحديثة في الذكاء الاصطناعي العام General Artificial Intelligence ليست سوى أمثلة لمصنّعات تقنية استفادت من تطويرات حثيثة حصلت في ميادين معرفية ذات أنساق مشتبكة وعابرة للتخصصات الضيقة.
اسم المؤلف : مجموعة مؤلفين
اسم المترجم : لطيفة الدليمي
دار النشر : دار المدى
غير متوفر في المخزون
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.