مفهوم الحرية
د.ك2.50
في هذا الكتاب لا يتحدثُ عن الحريّة بمفهموها المُعجمي، بل يتحدث عنها كمفهوم تاريخي وسياسي غيّر مجرى التاريخ. وكلُّ المفاهيم التي تطرَّق إليها عبد الله العروي (الحرية، التاريخ، العقل، الدولة، الأُدلوجة)، هي ليست مفاهيم دلالية، بل يخرجُ منها بتحليلٍ ثقافي للمفهوم والغوصِ في أعماقهِ والتعرُّفِ على حيثياتهِ.
إنَّ الحرية في نظر عبد الله العروي من ناحية التعريف، هي حكمٌ شرعيّ لكنه في نفسِ الوقت إثبات واقع مدى قدرة الفرد على تحقيق العقلانية في حياته. إنَّ التطابق بين الشرع والعقل والحُرية هو العدل الذي يتأسسُ عليه هذا العالم. لقد تحدثَ الكلاميون خصوصاً المعتزلة، عن نظرية تسمى نظرية الحريَّة، لكن هذه النظرية تدورُ بالأساس حول الفرد وعلاقته بالغير وبخالقهِ فقط، إذن الحرية هنا أخلاقية لا غير. أمَّا خلال القرن التاسع عشر فإنَّ الحرية تدورُ حول الفرد الاجتماعي، أي الفرد كمُشارك في هيئة إنتاجية.
الحرية اللِّيبرالية، في هذا الفصل قدِّم العروي تصور لليبرالية وكيف استوعبت الحرية وتكَّفت معها، إذْ يقول في هذا الإطار: ” إنَّ الليبرالية تعتبرُ الحرية المبدأ والمُنتهى، الباعِث والهدف، الأصل والنتيجة في حياة الإنسان وهي المنظومة الفكرية الوحيدة التي لا تطمعُ في شيءٍ سِوى وصف النَّشاط البشريّ الحر وشرحِ أوجهه والتعليقُ عليه”. مفهوم الحرية، ص 39. هنا يؤكد العروي على أنَّ الحرية هي أساس ومحور الدولة الليبرالية، فلا وجود للحداثة والتقدم دون حرية.
إنَّ الليبرالية هي حركةٌ فكرية تقومُ على الحرية والمساواة. لذلك تؤكد الليبرالية أن الفرد هو أصلُ المجتمع والحرية هي حقَّه الطبيعي. يقول المفكِّر التركي/ السوري “عبد الرحمٰن الكواكبي”: إن الحرية هي شجرة الخُلد وسُقياها قطراتٌ من الدم المَسفوح”. طبائع الاستبداد ومصارِع الاستعباد، ص 57. يؤكد عبد الله العروي على أن الليبرالية هي أُدلوجة الحريَّة أو الدعوة إلى الحرية، وتنشأ الليبرالية على أساس نفي كلِّ محاولة مجردة لتبريرِ الحرية لأنَّ الحرية في رأيها ظاهرةٌ تاريخية. لكن هيغل يعتبرُ أنَّ مفهوم الحريَّة عند الليبراليين سطحيٌّ وأنَّ تلك السطحية كانت الحاجز الذي منع الثوار، أمثال “ماكسيميليان روبيسبير”، من تجسيدِ الحرية في تنظيمات سياسية واجتماعية. الحرية تنقسمُ إلى اتجاهات رئيسية: الماركسية (ماركس، أنجلز)، الوجودية (سارتر، سورين كيركجارد). والكلامية المحدثة أو الجديدة.
1 – الماركسية: لا غرابةَ أن تستعيدَ الفلسفة الألمانية مواقف العلم الكلام الكلاسيكي لكونهما قامتْ على نقد ليبرالية عهد الأنوار التي أرادت الثورة الفرنسية أن تطبَّقها تطبيقاً على الأفراد. فقارئ هيغيل يشعر بقرابة بينه وبين اسبينوزا مثلاً، فكلاهما يشتركانِ في وضع نظرية الحرية في نطاق المطلق.. أي في نطاقِ مفهوم الله. ثم ينتقل إلى نظرية الحرية في الماركسية، فيجدُ أنَّ ماركس لا يختلفُ عن هيغيل في نقده للحرية الوجدانية، إلا أنه يختلف معه في أن ماركس لا يأول الدولة كهيغيل، ويضع مكانها الطبقة العاملة الذين يُمثلون الإنسان “الإنساني”. وكذلك يختلف ماركس عن هيغيل بكونه لا يرفض التجديد الصوري المطلق للحرية، بل يوافق عليه كمرحلة فقط في مسار الفرد البشري، ويرفض أن ينزعها عن الذات الإنسانية التي هي وعاؤها. وإذا كان هيغيل يضعُ الحرية كبداية في التاريخ، فماركس يقلب معادلة هيغيل ويضعها في النهاية بعد أن يختفي المجتمع المبني على الحرية ويتحكم الإنسان في الطبيعة.
اسم المؤلف : عبدالله العروي
اسم المترجم :
دار النشر : المركز الثقافي
متوفر في المخزون
المراجعات
لا توجد مراجعات بعد.